العشيقة الطاهرة

العشيقة الطاهرة
بقلم : اخت_البدر ][ مدخل][color=green]نعومة أظفاري أن تخط أقلامي ما يمليه عليها الآخرون سواء من الوالدين أو المعلمات في المدرسة ،، حتى كبرت قليلا و باتت مشاعري تكبر مع إزياد عدد الثواني و الدقائق التي أستنشق فيها نسمات الهواء في هذه الدنيا الفانية ،، و لكن ما زالت تلك المشاعر رهينة الواجبات المدرسية ،، و مع ذلك ،، كنت أبوح بها في حصص التعبير و بما يجول به خاطري أيضا من تلك المشاعر تعبر عن حبي لوطني " البحرين" و والدي و أحبتي ،، و مع دخولي الحياة الجامعية و إزدياد مشاغلي ،، و بعدي عن لغتي الحبيبة ،، أبى قلمي إلا أن يعود لها فقد هجرها لفترة ليست بقصيرة ،، و لكنني للأسف لم أعد أفهمها كالسابق ،، حتى هي أيضا ،، لم تكن تستطيع أن تعبر عن ما يكنه قلبي لمن حولي ،، فصار هذا المثل المؤلم ينطبق علي و على لغتي " بعيد عن العين ،، بعيد عن القلب " ،، إلا و أنه في الليلة الماضية قامت إحدى عزيزاتي بجمع قلبي مع هذه اللغة ،، فقد كانت لا تستطيع الكلام ،،، بسبب جراحها النازفة و بشدة ،، فكان لا بد لي أن أقف معها في محنتها ،، خاصة و أنه كانت تربطني بها لقاءات عديدة منذ زمن بعيد ،، و لكني في الآونة الأخيرة إزدادت لقاءاتنا ،، و مع أنها لم تكن تراني ،، و لكني كنت أرها دائما ،، فسوف أسرد لكم خلال الأسطر القادمة قصة هذه العزيزة على قلبي ،، و لكم أن تتصوروا معاناتها ،، حيث أنها عشيقة للكثيرين على مر الأزمان ،، و لكن في الفترة الأخيرة تهاون الكثير من عشاقها عن سماعها و مساعدتها ،، فإليكم قصتها ،، فيمكن أن تكون أنت أحدهم – أحد عشاقها – و لكن نسيتها بسبب ملهيات حياتك ،، فأكون سببا في تذكيرك بها .




][الموضوع][
هذه العشيقة ،، فريدة من نوعها و نادرة جدا هذه الأيام ،، هي ليست كتلك العشيقات اللاتي يدمرن البيوت ،، أو يجلبن العار لأهاليهن ،، و ليست مثلهن في أن تجعل من نفسها سلعة رخيصة للقاصي و الداني،، إنها عشيقة و تحمل كل معاني الشرف و العفاف و الكرامة و الطهارة ،، نعم ،، ستسألونني كيف ذلك ،، مع أن عمرها كبير جدا ،، و لكني لا أجرء بالقول على أنها مسنة ،، فلو تراها أيها القارئ العزيز ،، لوجدت أن ملامحها جميلة جدا ،، فكما قلت لكم فإن عشاقها كثر ،، و لكن الزمن غدر فيها و شوه وجهها الباسم ،، و لكني و عشاقها أيضا رغم هذا الغدر الذي وقع عليها إلا و أننا نراها أجمل إمرأة في الكون .
و هذه العشيقة أيضا أمرها كله عجبٌ في عجب ،، حيث يجاهر الرجال بعشقها و يقدمون الغالي و النفيس من أجل مسح دمعتها ،، و الأغرب من ذلك أن النساء يشجعن أزواجهن على القيام بذلك ،، و يقدمون أبنائهن فدوة لها ،،( أي قلب تحمله تلك النساء ) عجبا .
و لا أخفيكم أيضا ،، أنني لطالما تمنيت أن أقبلها و أن آخذها بأحضاني ،، يراودني هذا الحلم دائما ،، فهذه هي حال العاشقين و لكني أذكركم أيضا بأنه ليس حال كل العاشقين فحالتي و حالة عاشقين تلك العشيقة ،، حالة خاصة .
أعلم أني قد أطلت عليكم الكلام ،، و آن الأوان كي أبوح بإسمها ،، لن أخجل من عشقي لها و لن تخجل هي أيضا كونها تحمل لقب العشيقة ،، أتدرون من هي ؟؟؟
إنها غـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزة
إنها غزة الكرامة ،، إنها غزة الطهارة ،، إنها غزة الصمود ،، نعم إنها عشق الملايين و المليارات.
هذه العشيقة قد أبكت قلبي دما قبل أن تبكيه أدمعا ،،و احتضنت آلاف من أبنائها تحت طيات ترابها الشريف ،، و مع أنها عشيقة ،، لكنها ستبقى أنثى أيضا ،، أي أنها تحمل مشاعر الأمومة ،، فهاهي منذ أزمان بعيدة ،، تحتضن من الأبناء و العشاق الأبطال من الرجال و النساء و الأبطال ،، تحتضن أشراف أمتنا الإسلامية ،، تحتضن كرامتنا التي تمثلت في يوم من الأيام بالبطل المجاهد الشهيد بإذن الله ( الشيخ أحمد ياسين ) رحمه الله ،، و تحتضن ( البطل عبدالعزيز الرنتيسي ) ،، فماذا عسى للأم و العشيقة أن تفعل في هذه الأوضاع غير أن تواسي أبنائها و عشاقها بالإحتضان !!

هذه هي حال بعض أبنائها و عشاقها ،، و ليس كلهم ،، و أنا و أنت أيضا أيها القارئ الكريم لسنا منهم أيضا !! فمذا عسانا أن نفعل لها و لعشاقها هناك ؟؟

لا تقل ليس بيدي شيء ،، و لكن بيدك الكثير ،، إبخل على نفسك أخي الكريم ،، نعم ابخل عليها أيام معدودات و ليس العكر كله ،، فلطالما ذاقت من النعيم و الرفاهية ما لم يذقه العشاق هناك منذ سنين ،، أو من الممكن أن يكونوا لم يتذوقوا طعمه بتاتا ،، إفرش لهم أيديك بما تملك ،، مع أني على العلم تماما أنه لا يمكنك أن تقدم لهم إلا الشيء اليسير ،، فلا يمكنك أن تهبهم الأمان و راحة البال و لا يمكنك تعويض الأرملة عن زوجها ،، و تعويض الأيتام عن آبائهم ،، و أعلم أيضا يقين العلم أنه لا يمكنك أن تخفف من الرعب الذي يصيب الأبرياء هناك ،، فقلمي هنا لا يطلب منك المستحيل ،، يطلب منك فقط أن تلقم من هناك بلقيمات يسيرة تسد بها جوعهم ،، و رشفات من الماء تروي بها ظمأهم و عطشهم ،، يطلب منك أن تجود عليهم بقطرات من دمك من الممكن أن تنقذ حياة الكثيرين هناك يطلب منك أن تضمد جراحهم و تكفن شهدائهم ،، و غيرها من الأفعال التي يمكن لدينارك و درهمك و ريالك و جنيهك أن يقوم بها .

أخي الكريم ،، أوصيك الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء ،، أخلص دعائك لهم ،، و قم الليل بالدعاء لهم بالصبر ،، و صم ،، و قبل أن تفطر أدع لهم بالنصر ،، تحرى أوقات الإجابة لتكثيف دعائك من أجلهم بالثبات ،، حث أهلك و من حولك بالدعاء لنصرهم و ثباتهم .
و لا تنسى أخي الكريم أن تبعد عن معاصيك قدر ما تستطيع ،، حيث أنها هذه المعاصي و الخطايا من الممكن أن تكون سببا في عدم استجابة دعائك ،، فالحذر أخي كل الحذر .
][ مخرج ][
:: قبل الختام:: وددت أن أنوه أيها قارئ العزيز بأنني لم أتناسى بأنه من الممكن أن تكون هناك أنثى تقوم بقراءة هذا الموضوع ،، و خصوصا أنني كاتبة هذه الأسطر أنثى ،، و لكنني آثرت أن أجعل الخطاب بصيغة الذكور حتى تكون شاملة أكثر .

و ودت أن أذكر نفسي أيضا بأن كل طلب و رجاء لقراء هذا الموضوع ستكون في البداية لي أنا شخصيا ،، فأنا الكاتبة و أول قارئة له قبل الجميع .
و في الختام ،، أشكركم لحسن قراءتكم للموضوع و إعطائكم جزء من وقتكم لقراءته ،، كما أشكر لغتي الحبيبة التي ساهمت في ترجمة ما بقلبي لكم ،، و مع ذلك أشعر بأن كانت هناك مفردات في مشاعري إستصعبت أحرفي إيصالها لكم .

إلى أن تلتقوا بقلمي بإذنه تعالى في القريب العاجل ،، و لكن ليس لسرد قصة عشيقتنا المؤلمة ،، و لكن لأملأ الصفحات ورودا و إبتهاجا ،، فرحا لانتصار الحق على الباطل و انتصار العشيقة الطاهرة " غزة " على أعدائها .
:: و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ::